الاولى | أرشيف | اتصل بنا
Saturday, April 05, 2003


intro.gif (2289 bytes)

الإعلام والحرب
منذ انطلاق العمليات الحربية على العراق برز موضوع التعاطي الاعلامي مع هذه الحرب، ولاسيما بعد ان تأكد ان للحرب المعلنة جبهتان: جبهة الحرب الميدانية وجبهة الحرب الاعلامية·
واعتبارا لأهمية الموضوع اتسع النقاش حوله الى تنظيم ندوات لملامسة اشكاليات المعالجة الاعلامية في نطاق أخلاقيات مهنة الصحافة والاعلام·
واذا ما تجاوزنا ما أثير حول طبيعة الحرب الجارية، نجد ان مبعث هذا الاهتمام يعود الى كون مجموعة من وسائل الاعلام قد زج بها في معمعان الحرب الاعلامية الموازية للعمليات العسكرية الميدانية·
و...

تتمة النص
kalima.gif (334 bytes)
شرعية أمريكا
ماذا أصاب المسؤولين الأمريكيين؟ أيعقل أن يكونوا أسوياء؟ أليس من الواجب والمفروض عرضهم على أطباء نفسانيين للتأكد من سلامة "أدمغتهم" إن كانت هناك أدمغة؟ أيعقل تركهم يرسمون خارطة العالم على أهوائهم؟·
واضح أن المسؤولين الأمريكيين واقعين تحت ضغط وإكراه من اللوبي الصهيوني المتطرف الشغوف بامتصاص أرزاق الشعوب وزرع الفتن والقلاقل لاكتناز الثروات وترويج الإيديولوجيات بعد رسم مشاهد التجويع والقتل···
تواصل أمريكا وتابعتها بريطانيا عدوانهما على الشعب العراقي وحججهم في غزوهم مردودة عليهم وديمقراطيتهم ...

تتمة النص

الإعلام والحرب
نبيل بنعبد الله يعلن عن قرب اطلاق قناتين عموميتين جديدتين
بلاغ من المكتب الوطني للشبيبة الاشتراكية حول تسجيل الشباب البالغين 18 سنة باللوائح الانتخابية
المكتب الوطني للشبيبة الاشتراكية يعزي في وفاة الرفيق عبد العزيز الفاروقي
كل الاجراءات اتخذت لمنع دخول الالتهاب الرئوي الحاد الى المغرب
متى تنتهي شريعة الغاب؟
حرب الخليج الثالثة تدخل يومها السادس عشر:البنتاغون يقول إن قواته على مشارف بغداد و العراق يقول إنها لم تصل حتى مسافة مائة كيلومتر من العاصمة
الحرب ستترك انعكاسات سلبية متفاوتة على اقتصاديات المنطقة العربية
أثنار وزعماء المعارضة يتبادلون التهم حول دور اسبانيا في الأزمة العراقية
عنان يؤكد أن مجلس الأمن لم يقرر الحرب على العراق ولم يوافق عليها


   
الخطاب المقدماتي في تجربة محمد الكغاط الإبداعية (1 / 3)    ( 10/14/2001 )


المتسلط المخرج: ماشي ضروري تذكر اسم الملهم ديالك···
بزاف كيحوفو على النصوص ديال عباد الله·
وكيقولو ديالهم·· ووجهم احمر·· شوف شي نص قديم··
وعجنو·· وعركو·· ومخضو·· وقلبو·· وشقلبو·· وشوهو··
راه الناس ما كيقرو والو·· وخا حافظين العناوين···<
محمد الكغاط - المرتجلة الجديدة - ص: 21

مدخل:
تتميز المقاربات المحايثة للخطاب الإبداعي بانفتاحها على المكونات النصية بما فيها تلك المرافقة للنصوص المركزية، باعتبارها خطابا موازيا تتوزع مكوناته بين ما يسبق النص كـ: اسم المؤلف، والعنوان، والميثاق التجنيسي، والمقدمة، والبرولوج، والاستهلال، والمدخل··، وبين ما يسير مرافقا له كـ: الهوامش، والعناوين الفرعية·· وما يعقبه كـ: النهاية / الخاتمة، أو الاختتامية المسرحية / التعقيب (épilogue)، والمقدمة اللاحقة، والمقدمة المتأخرة··· بالإضافة إلى الإشهارات والرسومات، والغلاف، وشكل الكتاب، ودار النشر، والإهداء، وتاريخ الطبع ومكانه، ومعلومات خطية أخرى عديدة، أي كل ما تجمعه لفظة عتبات بشقيها: القريبة Peritexte والبعيدة EPitexte: كالحوارات الصحافية، والتصريحات، والمراسلات، والاعترافات، واليوميات·
ولأن كل نص من نصوص الخطاب الموازي السالفة الذكر يملك سماته النوعية، وموقعه المحدد، ووظائفه المميزة، ومشروعيته الخاصة، فقد فرض علينا هذا الأمر اختيارا انتقائيا اقتصرنا فيه على ما دعوناه >الخطاب المقدماتي< كاختيار وعنوان لهذه الورقة، التي تستدعي بداية تحديد المقصود بالخطاب المقدماتي في تجربة محمد الكغاط الإبداعية، درءا لكل سوء فهم من جهة، وباختزال شديد من جهة ثانية·
يطرح الشق الأول من هذا العنوان (الخطاب) إشكالات كبيرة ومتعددة على المستويين النظري والإجرائي، يتمثل الأول فيما يطرحه هذا المفهوم من اختلافات تصورية سواء على مستوى ضبط اوالياته، أو على مستوى التعريفات التي تقدمها بصدده حقول معرفية متباينة كاللسانيات أو السيميائيات أو نظريات تحليل الخطاب·· أو غيرها من التوجهات المهتمة بالخطاب· بينما يتمثل المستوى الإجرائي فيما يتسم به الخطاب المقدماتي من خصائص سواء نظر إلى عناصره كوحدة، أو نظر إلى كل عنصر من عناصره على حدة، من حيث هي خطابات لغوية، وعبر لغوية·
لكل ذلك كان الخطاب المقدماتي خطابا مفارقا بحكم احتضانه لأبعاد ومستويات متداخلة: تشكيلية، لغوية، اجتماعية، نفسية، فنية·· ولأن هدفنا ليس هو الخطاب في حد ذاته، وحتى لا يتشعب بنا الحديث في متاهات التحديدات التي تقدمها مجالات متعددة لمفهوم الخطاب نرى - اختزالا - أن المفهوم الذي نتبناه في هذه الورقة هو ذاك الذي تطرحه مدرسة تحليل الخطاب الفرنسية، والذي تبلور في إطار نظريات التلفظ خصوصا، على أساس أن هذا الأخير (التلفظ) يقتضي بالضرورة الاستعمال الخاص والفردي للغة في كل خطاب، كما يذهب إلى ذلك بنفينيست، الذي يرى أنه ينبغي فهم الخطاب في بعده الواسع، باعتباره تلفظا يفترض متكلما ينوي التأثير بطريقة ما على المستمع، وعليه سيميز ديكرو (O. Ducrot) بين عنصرين على مستوى الدلالة التأويلية للملفوظ هما: العنصر اللساني الخالص، والعنصر البلاغي، فإذا كان العنصر الأول المعنى الحرفي للملفوظات خارج كل سياق تلفظي محدد، فإن العنصر الثاني يؤول هذا الملفوظ بإدماجه في سياق تلفظي معين، وهذا ما يؤكد أن التلفظ لا يرقى إلى مستوى الخطاب إلا باحتوائه لسياقات تواصلية محددة كما يتبين من خلال الترسيمة التي يقترحها شارودو (P. Charaudeau):
[تلفظ + مقام تواصلي = خطاب]
وأما ما يتعلق بلفظة >المقدماتي< فإننا نبادر إلى القول إننا نوسع من دائرة ما توحي به المقدمة عند جيرار جينيت، إذ النسبة هنا ليست إلى المقدمة بالمعنى الذي يقابل Preface، ولكننا نقصد بها بعض ما يقصد به جيرار جنيت بالعتبات (seuils) أو بتعبير أدقق نحتنا هذه النسبة مما أوحت به لنا لفظة مقدمة كما هي في المعجم العربي، حيث وجدنا في مادة: قدم معنى سبق، وصار قدام، والمقدم من الشيء أوله، والمقدمة الأول، والمقدمة من الجيش طائفة منه تسير أمامه، ومنه يقال مقدمة الكتاب، ومقدمة الكلام·
هكذا يكون الخطاب المقدماتي بالنسبة لنا هو كل ما يسبق النص المركزي، ويكون في بدايته وأوله، ولأن لائحة ما يسبق النص طويلة كما أشرنا سابقا، فإننا سوف نقصر حديثنا على ثلاثة منها نعتبرها ذات أهمية بالغة في محاولة إدراك مشروع محمد الكغاط المسرحي هي: العنوان، المقدمة، والبرولوج·
ومما تجب الإشارة إليه هنا أنه على الرغم من الطابع التوصيفي للخطاب المقدماتي، إلا أن موقعه، ومهامه التداولية تجعل منه خطابا يمارس آثارا لا يمكن للمتلقي تجاوزها، فهي بمثابة المدخل الأساس للنص الأصلي، وبوابته الطبيعية لإدراكه والقبض على أبعاده، بل إنها - مجتمعة - قادرة على أن تمنح الدارس التوجه الفني والفكري الذي يعبر عن أهم خصيصات المشروع الإبداعي عند محمد الكغاط، دون أن يعني ذلك الاستغناء عن النصوص الأصلية، وتجاوز مركزيتها· فعلى الرغم من القيمة البالغة التي قد يحتلها الخطاب المقدماتي إلا أنه لا يعدو أن يكون في نهاية المطاف خطابا تابعا، ولا حقا يكتب في الغالب بعد الانتهاء من كتابة النص الأصل، وأنه وجد فقط من أجل تقديم العون للثاني (النص المركزي) وحمايته وتقديمه (le presenter)، أو ما يسميه البعض بخفر النص (escorter le texte) فالنص الأصلي / المركزي سبب وجود المقدمات بدونه لا وجود لها·
وإذا كانت الأسئلة الهواجس التي تحكمت في هذه القراءة هي: ما نوعية وطبيعة العناوين التي اختارها محمد الكغاط لإبداعاته؟ وما علاقة تلك العناوين بتوجهه الفكري والإبداعي؟ وما أوجه الائتلاف والاختلاف بينها؟ وما العلاقة التي تربطها بالنصوص التي اختيرت لأجلها؟ ثم لماذا نجد لبعض الأعمال مقدمات وأخرى ينعدم فيها وجودها؟ وما طبيعة الأعمال التي استدعت مقدمات، وفرضت وجودها؟ وما الوظيفة التي ينهض بها البرولوج رغم وجود مقدمة؟ وهل من علاقة بين كل هذه المقدمات؟ وإذا ما وجدت افتراضا كيف استطاع الكغاط أن ينسج لحمتها؟·· إلى غير ذلك من الأسئلة التي نبادر إلى القول إن غايتنا الأساسية ليس الإجابة عن هذه الأسئلة، ولكنها لا تتجاوز محاولة تعرف مميزات هذا الخطاب والوقوف عند طبيعته النوعية في المشروع الإبداعي لمحمد الكغاط، ومحاولة إيجاد التقاطع والتكامل، أو التنافر والتباعد بينها·

- I غواية العنوان عند محمد الكغاط:
يعتبر العنوان مقدمة اللعبة الإبداعية أو هو لعب أولي مع النص، ومع محتواه ودلالاته وشكله أيضا، إنه بتعبير جان بيير رينكارت >واجهة< (vitrine) أو شريط إعلامي (bande - annonce)، وليست الواجهة (أي واجهة) إلا طريق إغواء، وجذب، ولفت للانتباه، تكمن وظيفتها الأساس في توقيف المارة - القراء، ودعوتهم لارتياد الداخل / النص، من ثم كان العنوان العلامة الأولى التي توقف المتلقي إزاء العمل الإبداعي، إن للعنوان على هذا الأساس قيمة خطيرة، سواء بالنسبة للذين ينتجون الكتاب أو للذين يستهلكونه، إن قيمته يجليها الفضاء الذي يحتله، فهو على ضآلة حجمه وقصره وصغره يحتل الصفحة الأولى، بل إن الاتفاق على تسمية الصفحة الأولى بصفحة العنوان دليل على المكانة التي يتبوأها في العمل برمته، وعلى الرغم من أنه يجتهد في أن يقدم ما يراه معبرا عن حقيقة >الداخل<، ويبذل قصارى جهده لممارسة عملية الإغواء إلا أن المعطيات التي يقدمها تظل هشة، وغير قادرة على تحقيق كل مراميه· ومع الاعتراف بحقيقة هذا الأمر إلا أن هشاشة المعطيات التي يمنحها تفرض مع ذلك أخذها بعين الاعتبار·
ولأن للعنوان في المجال المسرحي قيمة كبيرة مقارنة مع باقي الإبداعات الأخرى، إذ يعد وسيلة إعلامية كبيرة جاذبة للمتفرجين - إلى جانب مكونات أخرى - الأمر الذي جعل صلاح فضل يسند له دور العنصر الموسوم سيميولوجيا في النص، بل ربما كان أشد العناصر وسما، لأنه أكثر العناصر توجيها نحو الدلالة التي تمثل تحديا أمام المحللين والباحثين·
لقد اختار محمد الكغاط لأعماله عناوين مختلفة، ومتباينة التوجهات، وحين نقترب منها لتعرف طبيعتها، نقترح الجدولة التالية:


الجـــــدول



ومع اعترافنا أن هذه الجدولة غير مسعفة، وغير دقيقة بسبب خيارات أخرى كثيرة ممكنة، منها على سبيل التمثيل أن بعض العناوين تصلح أن تدرج ضمن خانات أخرى حين يعطي الكغاط لبعض النصوص أكثر من عنوان (بروميثيوس 91 أو بغداديات)، ومنها أن بعض عناوين الشكل الفني قابلة لأن تدرج في خانة العناوين المحلية على المضامين، كما هو الشأن مع المرتجلات الثلاث، والعكس أيضا وارد، بحيث يمكن إدراج أساطير معاصرة في عمود مكون الزمن، وأبو الهول وبروميثيوس في عمود الشخصية، بل إن بعض عناوين الخانة الأولى يمكن تبديل مواقعها··
ولعل ما يقف وراء هذا الإرباك التصنيفي، أن وعي محمد الكغاط الكبير بما للعنوان من قيمة ولوج العمل الدرامي، جعل عملية العنونة عنده بعيدة عن المصادفة والارتجالية، لا يقل المجهود المبذول فيها عن ذلك الذي يحظى به النص نفسه، لذلك كانت عناوينه مؤشرا أوليا على الانفتاحية والتعدد الدلالي من جهة، وتأكيدا على لعبة الإغواء المشار إليها سلفا من جهة ثانية، إن ابتعاد الكغاط عن التنميط التقليدي الذي يكتفي ب>تسمية< النص وحسب، ليس سوى تلبية لرغبة الهروب من السكونية والثبات، ومحاولة إعلان القطعية مع التقليد الثقافي السائد في هذا المجال·
ومع إيماننا بأن دراسة كل عنوان على حدة في علاقته بالنص الذي يؤشر عليه، تعتبر المدخل الطبيعي والمنطقي لكل دراسة، إلا أننا نرغب في أن ننظر إليها عبر تكتلات ومجموعات بغية القبض على الخيط الناظم فيها، ومحاولة الكشف عن توجه الكغاط في تسمية الأشياء والأشخاص والأعمال باعتبارها رؤية فنية وإنسانية·

1ـ العناوين الثيماتية (les titres thematiques):
يتكون كل عنوان من العناوين الثيماتية عند محمد الكغاط على المستوى الشكلي من مركب اسمي ذي شقين، يرتبط الشق الأول بالأسطورة، والشق الثاني بتوصيف لتلك الأسطورة: (أساطير معاصرة، أبو الهول الجديد، بروميتيوس 91)· وإذا كانت اللفظة الأولى تحيل على الأسطورة بشكل جمعي، ومطلق تتطلب من القارئ استحضار هذا النمط الفكري الذي ساد خلال العصور الغابرة، فإن أبا الهول وبروميتيوس يحيلان على أسطورتين محددتين، يفترض في القارئ أن يدرك عوالمها قبل الشروع في القراءة، أو على الأقل سيتوقع التعرف على حقيقتهما في النصين المركزيين، غير أن النعوت المصاحبة التي تلعب دورا تعريفيا لتلك الأساطير يخرق أفق انتظار القارئ، إذ كيف ستتحول إلى كيان يعاصرنا، وكيف يصبح أبو الهول جديدا، وكيف يعيش بروميتيوس في 91؟ هذه الأسئلة وغيرها تعد مدخلا لقراءة النص، ومدعاة للتعرف على طبيعة تلك النعوت التي تتمحور جميعها حول المعاصرة والجدة، إن العنوان في حد ذاته يقول للقارئ إن الأساطير قديمة ولكنها تعيش معنا في عصرنا وبيننا·
ولعل إصرار محمد الكغاط على جعل الأساطير جديدة ومعاصرة، تحيين للأبعاد الإنسانية التي تحملها وتعبر عنها، وتجلية للرغبة التي تؤمن بأن الأسطورة قادرة على أن تكفل للمسرح المغربي الخروج من دوامة التقوقع على الذات ومعانقة رحاب إنسانية واسعة، كل ذلك من أجل العثور على القالب المسرحي الذي كان يتوق إلى أن يكون إنسانيا، ويحقق إنسانية الإنسان التي ظل محمد الكغاط يدعو إليها·

2ـ العناوين الريماتية (Les titres rhematiques):
إلى جانب هذه العناوين التي تحدد >ما تتحدث عنه< النصوص، هناك عناوين أخرى تبرز شكل ذلك الحديث وشكل القول فيه، إن هذه العناوين >الريماتية< بلغة جنيت تعد أكثر العناوين دورانا وورودا عند الكغاط، إذ يبلغ عددها خمسة عشر عنوانا مقابل خمسة فقط للباقي، ونميز داخلها بين عناوين تجلي نوعا مسرحيا أو قالبا مسرحيا، وعناوين أخرى تركز على مكون من مكوناته، نجد في النوع الأول بالخصوص ثلاثيته المرتجلية: المرتجلة الجديدة، مرتجلة فاس، ومرتجلة شميشة للا، عناوين تعد مدخلا أساسيا تكشف للقارئ طبيعة موضوع المسرحية، وشكلها أيضا، إن هذا النوع من العناوين يعد صلة وصل تجعل القارئ يستبق المعنى، والحكاية وشكل الحكاية، ومن ثمة فهو عنوان موجه لموسوعة القارئ الثقافة·
إن اللفظة الأولى من العناوين الثلاثة المذكورة تجعل أفق انتظار القارئ مهيأ مسبقا، لأنها ذات إحالة مسرحية بامتياز، كل العناوين الأخرى لا توحي إذا ما قرئت لوحدها على جنس المسرح بالضرورة، لولا الميثاق القرائي الذي يسندها، وأما الارتجال والمرتجلة فهي ذات مرجعية مسرحية مباشرة· إنها من العناوين التي تحمل بشكل جنيني الحكاية، فضلا عن اعتبارها ميثاقا قرائيا يفترض في القارئ أن يخضع له، إن المرتجلة كعنوان هي مؤشر تجنيسي indication generique تعتبر أكثر العناوين حملا لمقترحها الدراماتورجي، لأنها تحيل على ذلك النمط المسرحي الذي ينتقل فيه المستوى الدرامي النصي نحو العرض المسرحي، وفيه أيضا يصعد الممثلون إلى الخشبة، دونما نص معد سلفا، ودونما تداريب في أغلب الأحيان - على الأقل في الفهم العادي والمتداول - واختيار محمد الكغاط للعناوين >المرتجلية< تم على أساس احتضانها لنصوصها من جهة، وتوجيهها للقارئ نحو المعنى النصي من جهة أخرى، ليتحول بذلك عنوان >المرتجلة< إلى معلمة (repere) أو إشارة موجهة نحو دلالات النص والشكل الذي ترد فيه تلك الدلالات·
وإذا كان الشق الأول يعرفنا على طبيعة الموضوع وشكله، فإن الشق الثاني منه يفتح رغبة القارئ على تعرف ما تقدمه هذه الإضافة في مرتجلة فاس والنعت في المرتجلة الجديدة والنسبة في مرتجلة (فاس) عن باقي المرتجلات على افتراض أن القارئ يعرف مرتجلة فرساي موليير، ومرتجلة باريس لجيرودو·· ومحاولة تعرف بم تتميز هذه المرتجلة العربية المغربية عن نظيراتها الغربية· ونفس الأمر مع مرتجلة شميشة للا، مقارنة مع مرتجلة >ألما< ليونسكو إذ تلعب هذه الشخصية دور محفز على تعرف حكايتها، ومرتجلتها· إن كل عنوان من هذه العناوين يتناص مع أعمال وعناوين أخرى من داخل ثقافتنا المسرحية أو من خارجها، حيث يستدعي العنوان الواحد باقي العناوين ويستحضرها، وحدها تلك النعوت والاضافات التي تميزها عن بعضها، وتحفظ كيان كل نص على حدة وتحميه من مخاطر الاختلاط والتداخل مع غيره من النصوص·
إن وجود نص بين دفتي كتاب يحمل عنوان المرتجلة بارتياده، ويدفع إلى قراءته، وهذه أهم وظائف العنونة على الإطلاق، أي الدعوة إلى قراءة النص، والسعي نحو خلق ألفة بينه وبين القارئ· من ثمة جاز اعتبار هذا الاختيار العنواني طريق مختزل >racourci< إلى ما سوف يتطور لاحقا في النص / العرض، أو ما سيكشفان عنه، إنه أداة مساعدة للقارئ كي يشيد معنى قبليا، ويوجهه إلى معان محددة، يفترض في النص إذا ما أراد أن يكون حداثيا وتجريبيا أن يخترقها·

3ـ العناوين العامة (غير المحددة):
إن الصنف الأخير من العناوين التي اعتبرناها غير محددة الدلالة، هي عناوين مفرغة دلاليا، لأنها لا تحيل على أي مكون من المكونات النصية، ويعجز معها التحليل عن إرجاعها إلى دلالة معينة مثلما هو الأمر مع نصي (واحد إثنان ثلاثة) و(تيكا·· بوم)· ومع ذلك فإن هذا الصنف من العناوين الذي يبدو ظاهريا أنه لا يحيل على أي شيء في النص، يعد أكثر العناوين تحقيقا لمختلف الوظائف التي يضطلع بها العنوان، ليكون بالتالي أقلها مراوغة وتضليلا للقارئ، وهذا ما يؤكده صلاح فضل حين يرى أن العنوان إذ أشار إلى أمر غائب في النص، فإن التقابل بينهما يمكن أن يصبح هو البنية المولدة للدلالة، والجديرة بأولوية التحليل، وحين ننظر إلى العنوان (واحد إثنان ثلاثة) على افتراض أنه غائب في النص، فإن محاولة وضع بعض الافتراضات التي تخمن مقصدية الكغاط أو مقصدية النص تجعل القارئ يتصور جملة تأويلات قد تقترب أو تبتعد عن المعنى >الحقيقي< للعنوان، إذا ما كان هناك معنى حقيقي له، والمثير في هذا العنوان أنه يعتمد الأرقام في التأشير على النص، والعنونة بالأرقام نمط عنواني سرى حديثا إلى الأعمال الأدبية، استلفه محمد الكغاط من حقل الموسيقى، حيث تتم عنونة المقطع / المقاطع الموسيقية (أو السمفونيات) برقم / أرقام، قد تتتابع عند المبدع الموسيقي الواحد، وإذا كان (ج· جينيت) يرى ألا شيء يمنع المؤلف من تقليد هذا الإجراء أو ما يماثله، فإن الرقم في هذه الحالة تعبير عن حقيقة الهوية المتميزة للنص، بمعنى أن الوظيفة الظاهرة التي يضطلع بها هنا ليست فقط >تسمية< النص، وإنما أيضا تحديد مضمونه وشكله النصيين أيضا· من هنا كان البحث عن دلالة الرقم الموظف في العنوان، بحثا عن المعنى النصي بكامله· إن الكغاط لم يختر رقما واحدا، ولكن سلسلة متتابعة من الأرقام، لعلها السلسلة الأولى في الأرقام الطبيعية التي توسم كل فعل بدئي / بدائي، أي أنها تلمح لعملية البداية والانطلاق: واحد، اثنان، ثلاثة·· (مع نبر وتنغيم العنوان للدلالة على ذلك)·
إن دلالة >الانطلاق< هنا تؤكدها مسرحيا الضربات الثلاث التي تدل عن إعلان البداية: بداية التمثيل·· وبداية الفرجة مع كل المتدخلين في العملية المسرحية: تقنيون، مهندسون، مصممون، ممثلون·· جمهور·· الخ· وقد يذهب التأويل بعيدا حين ينظر إلى زمن انتاج العمل في علاقته بالمشروع الإبداعي عند محمد الكغاط، حيث يذهب هذا التأويل إلى أن إنتاجاته خلال العقد الثمانيني تشكل بداية الوعي بفعل التجريب، وبداية البحث عن توجه خاص به، ويسعفنا في هذا المقام إحدى مقالاته التي يقول فيها: >إن تجربتي كانت تسير في نفس الخط الذي سارت فيه محاولات أخرى كانت تتلمس الطريق نحو نص مغاير· ومع بداية الثمانينات صرت أبحث عن مشروع العرض المسرحي، وهي محاولة للبحث عن قالب يقوم على التجريب··< فهل يمكن اعتبار نص (واحد اثنان ثلاثة) كنص ينتمي إلى العقد المذكور (1984) الانطلاقة الحقيقية لفعل التجريب؟ إن الجواب لا يمكن أن يوجد إلا في النص وليس خارجه، فالعنوان مهما حاول ذلك فإن جوابه لن يتجاوز التخمين والافتراض، لتبقى قراءة النص فعلا ضروريا لكل قراءة تتوخى الوقوف الفعلي على الدلالات الثاوية في العمل، وعلى حقيقة انطلاق فعل التجريب أو عدمه عند محمد الكغاط·
وأما العنوان الآخر المفرغ دلاليا، ونقصد به عنوان مسرحية >تيكا·· بوم< فإن النظر إليه في ذاته لا يسمح بأي قراءة أو تأويل، ويعود ذلك إلى غرائبية اللفظة عن المعجم العربي، إنها لفظة لا مرجعية إحالية لها، أو بلغة اللسانيين لا وظيفة لها في نسق اللغة العربية، ليبقى فقط إيقاعها الموسقي، وتنغيمها الإيقاعي، أكثر حضورا من المعنى اللغوي، وهو الأمر الذي يدخل في باب النحت اللغوي حين يترنم الإنسان ببعض الأصوات منفسا عن ذاته··؟ وهذا النمط من العناوين يرغم القارئ على دخول رحاب النص، إذ يعتبر شكله التمردي على التقاليد الأدبية مدعاة لتتبع دلالات النص كي يتم القبض على دلالة العنوان·
ذ· محمد لعزيز



62 BD de la Gironde Boite postale : 13152
Tél: (212) 2 30 78 82 / 30 76 66 Fax: (212) 2 30 80 80