|
|
بداية
النجاح كل متتبع موضوعي للحياة السياسية في المغرب لابد
وأن يلاحظ أن الانتخابات المقبلة لها طابع خاص يختلف عن كل
التجارب السابقة التي عرفها المغرب· وذلك ليس فقط بالنظر إلى
القوانين الجديدة المنظمة للانتخابات التشريعية، ولكن أيضا،
وأساسا، بالنسبة لظرفيتها السياسية ورهاناتها· فاستحقاق يوم
27 شتنبر يأتي بعد التحول الذي عرفه المغرب، منذ سنة 1998، والذي
دشن معه تفعيل التوافق الإيجابي لاقتحام مهمة الإصلاحات وفتح
الأوراش التي تمكن من وضع البلاد على سكة النهوض والتقدم في
مرحلة الانتقال الديمقراطي· مع... تتمة
النص |
إلى السيد وزير
الداخلية إلى حضرة معاليكم بعد السلام
والتحية والإكرام، اسمحوا لي السيد الوزير المحترم أن أتوجه
إليكم بهذا الكتاب، لتوضيح بعض النقائص المسجلة من لدن مصالح
الوزارة التي تحظون بشرف رئاستها بخصوص الانتخابات التشريعية
الجارية أطوارها الآن وهنا في مغربنا الحبيب· لقد تكلمتم
السيد الوزير المحترم بما فيه الكفاية حو السير الحسن لإعداد هذه
الانتخابات وقمتم بما يمليه عليكم الضمير باستصدار دوريات
ومذكرات تحث مصالح الوزارة على التزام الحياد ولعب دور الحارس
الأمين للقانون والنأي بالنفس عن الانحياز لهذا المرشح
أ... تتمة
النص |
| |
|
الاحتفاء بالمسرح
في *الممثل وآلته*"1" و*الذاكرة والموت*"2" ( 27/06/02
) |
ما انصب
اليه تفكيري في أول وهلة عند رؤيتي لكتاب >الممثل وآلته< للفقيد
محمد الكغاط، كان هو الحضور القوي لصورة فقيد آخر ودعنا منذ خمس سنوات،
وهو سعد الله ونوس، تساءلت وشعور من الانتشاء يغمرني والمرارة ايضا
لفقدان رمزين من عيار ثقيل· لماذا سعد الله ونوس بالذات؟ ربما
إطلالة محمد الكغاط المشرقة التي اثثت غلاف الكتاب، ذكرتني بإطلالة سعد
الله ونوس بطاقيته وابتسامته التي اثثت اغلفة مجموعة من الكتب والمجلات
تساءلت مرة اخرى إن ما جمع بين السي محمد وسعد الله في مخيلتي تلك
اللحظة، ربما هو معاناة المرض التي اشتركا في جزء كبير من تفاصيلها؟
هكذا بدا لي الأمر أولا··· وبعد قراءتي لـ >الممثل وآلته<
وجدت أن سبب حضور سعد الله ونوس في تلك اللحظة أيضا من خلال >عن
الذاكرة والموت< الذي كنت قد قرأته منذ مدة، يكمن اساسا في كون
الفقيدين معا اشتركا في مسرحة تجاربهم الشخصية، وحبهما الحقيقي للمسرح
الذي وصل الى حد الهوس، او التماهي فيه حتى أبعد الحدود وهذا ما نحن في
حاجة اليه ومسرحي الوطن العربي، فأن يبلغ المسرحي الي هذا المستوى من
العشق الصوفي، فذاك يعني التفرد والتميز، ويعني ايضا النفاذ والتغلغل
في تجليات المسرح التي تعني ابهى تجليات الانسان وإنسانيته· أشار
كل من الدكتور حسن المنيعي والدكتور عبد الرحمان بن زيدان في كلمة
بمناسبة تقديم كتاب >الممثل وآلته< بمكناس"3"، بأنه يشكل
>سيرة ذاتية مسرحية< وهو ما يمكن ان ينطبق ايضا على >عن
الذاكرة والموت<، وسوف لن نعقد مقارنة بين الكتابين، أو بين
السيرتين تحديدا، وإنما نريد أن نبحث عن ما يوحدهما، وما كانا يطمحان
اليه في تأسيس كتابة تحتفي بالذات، وفي انبثاق رؤية عميقة النظر في شأن
المسرح·
مسرحة التجربة الذاتية
>ذكريات< أو
>تجارب<"4"، ثم >نصوص قديمة ومهملة< أو >نصوص
جديدة<"5"، كلها تتوحد في شيء اساسي هو المسرح··، المسرح النابع من
التجربة الذاتية المليئة بالافراح والاقراح·· جميل جدا ان نمسرح
تجاربنا، بل أكثر من ذلك جميل جدا أن نمتلك رؤية·· بصيرة نفاذة في
مشاهدة المسرح في كل التفاصيل والتقاسيم التي تبدو كأنها لا تستحق
الاهتمام والتقصي··· محمد الكغاط كما سعد الله ونوس، غاصا عميقا في
التجربة ونبشا في الذاكرة، ليستعيدا اللحظة المنفلتة، ويعيدا تركيبها
وترتيبها دراميا·· >المسيد< أو >الحي< و>رأس
القليعة< أو >باب الفتوح< ثم >الورم< أو
>الاجداد< و>ذاكرة النبوءات< أو >رحلة في مجاهل موت
عابر< كلها نصوص تريد المسرح حاضرا أبدا، برؤية تراجيدية، أو برؤية
تمتزج فيها السخرية العالمة بالتأمل الفلسفي لشرط الوجود الانساني·
قد تبدو المسألة صدفة، وهي كذلك، بكل تأكيد في أن يعتمد >الممثل
وآلته< على تقسيم محوري يضم >ذكريات< ثم >تجارب<
و>عن الذاكرة والموت< يضم >نصوص قديمة ومهملة< و>نصوص
جديدة<· لكن كل هذا الذي يحتويه القسمين في السيرتين معا، يدور
في فلك واحد هو المسرح·· أو هو الفن في أسمى اشراقته·· الفن الذي يجعل
الحياة أكثر امتدادا وفسحة واكثر جمالا·· ماذا يعني القبض على ادق
التفاصيل المرتبطة بالذات، وتفصيصها - مسرحتها - ؟ ماذا يعني النبش في
ايام الطفولة والبداية للقول: تلك هي الحقيقة؟ كل هذا يعني امتلاك
آليات حقيقية في البوح العميق···
الاحتفاء بالحياة الحقة
>المسرح ولد مع الانسان<··· هو الحياة وتجلياتها ان
الافراد والجماعات تعيش الحياة، تتوحد في اطار مكاني ينطق بجروحها
وتنطق بجروحه··· أكيد أن الانسان لا يمكنه ان يعيش منعزلا··· لا بد له
من عقد اتصال وتواصل مع الكائنات التي تؤثث فضاء المدينة··· نعم
المدينة، لكن ماذا لو كانت هذه المدينة >مدينة النحاس< أو مدينة
>نحس<؟ ماذا لو كانت هذه المدينة >أضيق من الحب<؟ ماذا لو
كانت هذه المدينة بلا مسرح؟ أي بلا حياة؟··· سوف تلقي بالانسان في
غيابات النسيان والتهميش، ليكون بالتالي الاختناق والموت··· >بلاد
أضيق من الحب<"6" و>مدينة بلا مسرح<"7" كلاهما نصين مسرحيين
يستنطقان المدينة، ومدى قدرتها في احتضان الانسان·· المسرح، الانسان في
ارادته القوية للانطلاق نحو عالم حر، عالم ينتفي فيه الغياب··· إن
>إيفا< و>نبيل< في (بلاد أضيق من الحب) اعتبتهما مطاردة
هوجاء، لم تترك لهما فرصة في ممارسة حقهما في الحياة اي ممارسة الحب،
إن المدينة التي يعيشان فيها ضاقت كل فضاءاتها بالحب الذي يسكنهما، بل
حتى زواياها المظلمة رفضت هذا الحق، الذي يعني اغتياله، اغتيال للإنسان
وانسانيته ومن ثم كانت صرخة >ايفا<: (أيعقل أن يكون الحب جريمة)
(ص45)· ثم إن >الجوقة< و>الممثل< والمخرج والمؤلف
ورئيس الجوقة في (مدينة بلا مسرح) ينشدون تحريك الدم في عروق مدينتهم،
وتحويل تحجر قلب المدينة الى خفقان، واخراجها من الجمود الى الحركة·
فكيف تحويل المدينة من نحاسية الى انسانية؟ إن الذي تريده شخصيات
(مدينة بلا مسرح) هو استعادة نسغ الحياة والنشوة الديونيزوسية لكل
المدينة ولإنسان هذه المدينة ليعيش حرا طليقا يمارس انسانيته ويحقق
التفاعل والتلاقح ومن ثم الحياة الحقة· تقول >إيفا< بطلة
(بلاد أضيق من الحب): >كيف يخافون من الحب، وهو اجمل شيء في هذه
الحياة!<(ص45)· و>هل كان سيظهر المسرح لولا الحب؟ هل كان
للفن ان يظهر لولا الحب< كما يقول محمد الكغاط في (الممثل وآلته)
(ص150)· إن الحب وحده هو الذي يجعل العالم يدور كما تقول الاغنية
الشعبية الفرنسية، والسيرتين معا جعلتا الحب عنوانا لهما، ولكنه ليس
حبا عاديا، بل إنه يخترق الثبات والسكون·· إنه لا نهائي، وأن يؤمن
الفنان بالحب فلاريب أنه يعيش الحياة وجوهرها وسعد الله والسي محمد
عاشا الحياة بحبهما·· للمسرح والانسان والحرية···
الاحتفاء
بالكتابة والمسرح
بالكتابة استطاع الانسان أن يدون تاريخه
وتفاصيل حياته، وبالكتابة يحقق الكاتب المبدع وجوده·· لكن اذا كانت
الكتابة مرصعة بالحب الذي هو >مرادفا للروح< فإنها تلج عوالم
اخرى من الادراك والمعرفة، وتصبح ذات وقع خاص على مستوى تلقيها، تسافر
الى الاقاصي وهي مسلحة ببصيرة الجمال والذوق والتذوق لكل التفاصيل
الدقيقة· وقد تبلغ هذه الكتابة لحظة المكاشفة والانخطاف الذي هو
وسيلة لمزيد من المعرفة والكمال في عرف الصوفية وقد تزيد قمة جمالها
وانخطافها عندما تكون كتابة مسرحية مجتمعة فيها تراتيل آسرة وفاتنة···
(الممثل وآلته) و(عن الذاكرة والموت) احتفيا بالكتابة، الكتابة
الفعل، والكتابة المسكونة برؤية جديدة لجعل المسرح ضرورة ملحة في
حياتنا، بل حاجة لا يمكن الاستغناء عنها في كل الاحوال··· أمام الزحمة
التي يغص بها الواقع·· وامام التحولات في اتجاه التردي والزيف يبقى
امام المسرحي/ المثقف امتلاك وسائل الدفاع عن المسرح··· الانسان···
بالكتابة يمكن تحقيق ذلك، الكتابة الفعل والكلمة الفعل··· ان سعد
الله ونوس ومحمد الكغاط عندما ودعانا كانا يقولان والمسرح اشياء كثيرة
عن زمننا العصيب·· (عن الذاكرة والموت) و(الممثل وآلته) دعوة الى تفاعل
الروح والجسد في كل الاشتغالات··· في كل الحياة··· سعد الله ونوس في
مرضه جعل الروح تعزف على ايقاع تداعيات الجسد، فكتب الينا نصوصا تصغي
لها كل حواسنا···· محمد الكغاط لم يكن يكتب الا وثمة تفاعل بين الجسد
والروح، ليس في الكتابة فقط وانما في الاخراج والتمثيل والتأطير ايضا·
وهذا التفاعل هو الحب··· هو الحياة الحقة، وهو الكتابة الفعل، التي
تشمل العالم برؤية اكثر وعيا بالشرط الوجودي للإنسان·
عبد
العزيز بوبكراوي باحث في المسرح - مكناس
الهوامش:
"1" محمد الكغاط، الممثل وآلته، سلسلة دراسات، منشورات وزارة
الثقافة والاتصال أبريل 2002· "2" سعد الله ونوس، عن الذاكرة
والموت، الاهالي للطباعة والنشر والتوزيع - دمشق الطبعة الثانية -
1997· "3" وذلك بتاريخ 13 ماي 2002 في حفل افتتاح مسرح المركب
الثقافي بمكناس وهي المناسبة التي قدم فيها كتاب (الممثل وآلته) وقدم
كل من الدكتور حسن المنيعي والدكتور عبد الرحمان بن زيدان شهادتين عن
الكتاب وصاحبه المرحوم محمد الكغاط· "4" القسمين التي ضمهما كتاب
(الممثل وآلته) وكل قسم احتوى على مجموعة من النصوص· "5" القسمين
التي ضمهما كتاب (عن الذاكرة والموت) وكل قسم ضم مجموعة من النصوص·
"6" عنوان لنص مسرحي في (عن الذاكرة والموت)· "7" عنوان لنص
مسرحي في (الممثل وآلته)· عبد العزيز بوبكراوي
|
| |
|